) سورة الرعد : /٤٠ (١٣

Transcript

1 أ و ن ت وف ي ن ك ف ا ن م ا ع ل ي ك ال ب لاغ وع ل ي ن ا ال ح س اب و ا م ا ن ر ي ن ك ب عض ال ذي ن ع د ه م ) سورة الرعد : /٤٠ ( Sources of Islam by Rev. William St. Clair-Tisdall November 12, 2004

2 ٤ ٦ ٦ ٨ ٨ ٤ ٤ ٤ ٤ ٦ ٧ ٥ ٠ ٥ ٧ ٧ ٧ ٨ ٤ ٤٧ ٥٠ ٥ ٥٤ ٥٤ ٥٥ مقدمة الفصل األول مصادر اإلسالم حسب العلماء المسلمين الفصل الثاني تأثيرات عرب الجاھلية الفصل الثالث تأثيرات الصابئين واليھود الصابئون اليھود الفصل الر ابع ) ) قصة قايين وھابيل ) ) قصة إنقاذ إبراھيم من نار نمرود ) ) حكاية ملكة سبإ وكيفية مجيئھا إلى سليمان ) ٤ ) قصة ھاروت وماروت ) ٥ ) جبل سيناء ) ٦ ) اقتباسات أخرى ) ٧ ) اللوح المحفوظ ) ٨ ) جبل قاف تأثيرات الفرق النصرانية الھرطوقية ) ) قصة أصحاب الكھف ) ) قصة مريم ) ) قصة طفولية المسيح عيسى ) (٤ الفارقليط ) (٥ الميزان ) ٦ ) صعود إبراھيم إلى الس ماء الفصل الخامس تأثيرات زارادشتية في الق ر آن والحديث ) ) قصة معراج م ح م د - -

3 ٦ ٦ ٦٤ ٦٥ ٦٦ ٦٦ ٦٨ ٦٨ ٦٨ ٧ ٧ ) ) الجنة والحوريات ) ) قصة خروج عزازيل من جھنم ) ٤ ) نور م ح م د ) ٥ ) الكالم على الصراط ) ٦ ) في ذكر قضايا قليلة مھمة ختام الكالم الفصل الس ادس تأثيرات الح نفاء على اإل س الم ) ( زيد ) ) أوامر محمد المتعاقبة للحرب ) ) المخل ص الذي وعد بھا إبراھيم [ - -

4 بسم الھادي الحمد الذي مي ز اإلنسان بالن طق والبيان وخص ه بالعق ل أش رف المواھ ب وأس ماھا وأجل الن عم وأسناھا وبه يتوص ل إلى معرفة الرحمن الرحيم ويھتدي إلى المنھج الق ويم فيتمت ع في اآلخرة بفردوس النعيم ويحظى بالسعادة الجليل ة وال نعم الجزيل ة. ق ال : (( أع ددت لعب ادي الص الحين م ا ال ع ين رأت وال أذن س معت وال خط ر عل ى قل ب بش ر )). ف الل ھم اجعلن ا م ن عب ادك المخت ارين وھ ب ن ا م ن ل دنك عق وال س ليمة وأفك ارا مس تقيمة توص لنا إل ى الح ق والحي اة لنفوز بنعيم الخلد والنجاة فقد مددنا إليك يد االستعانة وبخعنا إليك باالستكانة وأن ت ن ع م الم ولى ون عم المعين. ال يخفى على ذوي األلباب المشھورين ب التحقيق أن جم ال األجس ام الس ماو ية العجي ب ونظام الكائنات األرضية الغري ب وترتي ب الموج ودات عل ى م ا ن راه م ن اإلتق ان واإلحك ام ل م يأت من العدم إلى الوجود بدون سبب وعل ة بل بالعكس فقد أوجدته ي د الم ولى س بب األس باب وواجب الوجود البارئ القدير سبحانه. فعلى القياس نفسه نقول إن ك ل ش ي ء س واء ك ان فع ال أو قوال أو فكرا ال ب د أن يكون له سبب خاص ال يمكن أن يحصل بدونه. فال بد لألثر من مؤث ر وللمعلول من ع ل ة والمسب ب من سبب. وبما أن ه توجد في ھذه ال دنيا مذاھب ش تى وأدي ان متنوع ة مختلفة فمن الواضح أن ه البد أن يكون لك ل دين ف ي ھ ذه األدي ان (حقيقي ا ك ان أو كاذب ا ) مص در صدر منه ك المجرى ال ذي يص در م ن الينب وع. وبم ا أن كثي رين م ن البش ر اعتق دوا بھ ذا ال دين وجعلوه أساس رجائھم ومنتھى غ ايتھم رأي ت أن أض ع الص فحات الت الي ة مس تعينا بق وة ف ي البح ث بدق ة ف ي مص ادر اإل س الم ألن اليھ ود والمس يحين ل م يقبل وه ب ل ق الوا إ نھ م بع د البح ث والتدقيق لم يجدوا بي نات إلھية وأدلة قوي ة تؤي د ص دقه. أم ا المس لمون فكثي رون م نھم يتمس كون بدينھم ألن ھم وجدوا آبا ءھم وأجدادھم عليه فاعتنقوه بدون بحث. كما أ ن بعضھم رفضوه س را أو جھرا ألنھم لم يجدوا من يستطيع أن يبرھن لھم صدق ما ورثوه عن آبائھم ولم يقنعھم أح د بأن ه الدين الحق الوحيد. وقد أل ف بعض علماء المسلمين كتبا مثل (( ميزان الموازين )) و (( حسام الش يعة )) وم ا شاكلھما ولكنھا لم ترو غليل المفك ر العاقل ألن أدلتھا ال تزي ل الش بھات وال ت درأ المش اكل م ن عق ل الباح ث ع ن الح ق. لق د أظھ ر مؤلف و الكت ب الدفاعي ة ع ن اإل س الم غي رة عظيم ة ف ي تأيي د ديانتھم وبذلوا الجھد ليدحضوا اعتراضات م ن طعن وا ف ي أدلت ه ولك ن معلوم اتھم ل م تك ن ق در غيرتھم المحمودة. لھذا رأيت أن أبحث وأدق ق في أركان اإل س الم وأساساته ومصادره مستعينا با س بحانه. ومع اعترافي بالعجز والتقصير فقد بذلت الجھد المستطاع ف ي البح ث والتحقي ق وأتي ت بنتيج ة تحقيق اتي ف ي ھ ذا الكت اب ليتأم ل فيھ ا الق ارئ راجي ا أن يس تفيد من ه ك ل م ن طالع ه باالنتب اه - ٤ -

5 والتروي فيتأكد من معرفة مصادر اإل س الم وأصل ھذا النھر العظيم الذي فاضت مياھه في كثير من اآلفاق. - ٥ -

6 !+ مصادر اإلسالم حسب العلماء المسلمين قال علماء اإل س الم إن أنزل دينھم بأجمعه على م ح م د فجعلوا بنيان الديانة اإل س المية وأساسھا على حقيقة رسالته واعتبروا من أنكر نبو ة م ح م د ورس الته ع دوا ك افرا ألنھ م ي رون أن إنكار ذلك يعني استئصال ديانتھم. وقرروا أن أركان الدين الصحيح أربعة ھي: () الق ر آن و( ) الحديث و( ) اإلجماع و( ٤ ) القياس. وال لزوم للكالم عن الركنين الثالث والرابع ألنھما لن يتناقضا مع الق ر آن واألحاديث. ومن المؤسف أن المسلمين لم يتفقوا على األحاديث الصحيحة فاألحادي ث الت ي يعتبرھ ا أھل الس نة صحيحة تختلف عن األحاديث التي يتمس ك بھ ا الش يعة والوھ ابيون. وم ن المعل وم أن األحاديث المعتبرة عند الشيعة ھي ال واردة ف ي كت ب: () (( الك افي )) ألب ي جعف ر م ح م د (٩ ھ) و( ) (( من ال يستحضره الفقي ه )) للش يخ عل ي (٨ ھ ) و( ) (( االستبص ار )) للمؤل ف ذات ه و( ٤ ) (( نھ ج البالغ ة )) للس يد الرض ى (٤٠٦ ھ ). لك ن أھ ل الس نة ل م يعتم دوا عل ى ھ ذه الكتب بل اعتمدوا على ستة كتب أخرى وھي: () (( الموطأ )) ألنس بن مالك () (( صحيح )) البخاري () )) صحيح (( مسلم (٤) )) س نن (( أبي داود سليمان (٥) )) الج امع (( للترم ذي (٦) )) السنن )) لم ح م د بن يزي د ب ن ماج ة القزوين ي. ولك ن علم اء اإل س الم أجمع وا عل ى أن الق ر آن ھ و الوحي المتلو واألحاديث ھي الوحي غير المتلو. ومن القواعد المقررة أنه إذا خالف الحديث آية من آيات الق ر آن وجب رفض الحديث ألنھم يعتبرون الق ر آن ك الم. غي ر أن فائ دة األحادي ث ھي بيان غوامض الق ر آن وتوضيح ما أ شكل والتبس منه. مثال ورد في سورة اإلس راء (٧: ) س ب ح ان ال ذ ي أ س ر ى ب ع ب د ه ل ي ال م ن ال م س ج د ال ح ر ام إ ل ى ال م س ج د األ ق ص ى. فيل زم لفھ م ھ ذه اآلي ة مراجع ة األحادي ث فھ ي توض ح معن ى المع راج وتش رحه كم ا ھ و مع روف عن د علم اء اإل س الم. وك ذلك ل وال الح ديث م ا فھ م أح د معن ى (( ق )). فاألحادي ث ھ ي الت ي أوض حت أن الح رف (( ق )) اس م جب ل. ولھ ذا عزمن ا طلب ا لالختص ار عل ى أال ن ورد ف ي ھ ذا الكت اب ش يئا يختص بمصادر اإل س الم من عقيدة إ س المية أو تعليم إال ما كان له أصل وأساس في الق ر آن ذاته ويكون قد ورد له تفسير وشرح في األحاديث المشھورة المتواترة بين كل المسلمين سواء ك انوا من أھل السنة أو الشيعة ألننا نريد أن تعم فوائد كتابنا ھذا بين كل المسلمين وأن نس ھ ل تداول ه بين أھل السنة وأھل الشيعة. وقد اتفق علماء اإل س الم على أن الق ر آن ھ و ك الم كتب ه س بحانه ف ي الل وح المحف وظ قبل العالمين. ومع أنه حصلت في خالفة المأمون وبعد خالفت ه مش احنات حامي ة بخص وص ق د م الق ر آن مم ا ال ل زوم إل ى ذك ره ھن ا إال أن المس لمين أجمع وا عل ى أن الق ر آن ل يس م ن ت ألي ف بشري بل قد أنزله كله على م ح م د بواسطة جبريل. وقال ابن خلدون تأييدا لھذا: (( إن الق ر آن ن زل بلغ ة الع رب عل ى أس اليب بالغ تھم وك انوا كل ھ م يفھمون ه ويعلم ون معاني ه م ن مفردات ه وتراكيبه وكان ينزل ج مال جمال وآيات آيات لبيان التوحيد والفروض الدينية بحس ب الوق ائع وھو اسم السورة رقم ٥٠ في الق ر آن. - ٦ -

7 .(( ومنھا ما ھو في العقائد اإليماني ة ومنھا ما ھو في أحكام الجوارح وقال أيضا : (( ويدل ك ھ ذا كله على أن الق ر آن ب ين الكت ب اإللھي ة إنم ا تلق اه نبي ن ا ص لوات وس المه علي ه متل و ا كم ا ھ و بكلماته وتراكيبه بخالف التوراة واإلنجيل وغيرھما من الكتب الس ماو ية ف إن األنبي اء يتلقونھ ا في حال الوحي معاني ويعب رون عنھ ا بع د رج وعھم إل ى الحال ة البش رية بكالمھ م المعت اد لھ م ولذلك لم يكن فيھا إعجاز)). وقد اعتمد علماء اإل س الم في اعتق ادھم ب أن الق ر آن أنزل ه ف ي آي ات قرآني ة مث ل: ق ل: ش ھ يد ب ي ن ي و ب ي ن ك م و أ وح ي إ ل ي ھ ذ ا الق ر آن أل نذ ر ك م ب ه. فم ن ھ ذا يت ض ح أن الق ر آن يقول إن ه ليس تصنيف م ح م د وليس مجموعا من تأليف البشر بل ھو كالم تماما وكلية نزل ٤ على م ح م د من الس ماء في ليلة القدر إ ن ا أ نز ل ن اه ف ي ل ي ل ة ال ق د ر. فإذا قبلنا ھذا الشرح والبيان وجب االعتراف بأن مصدر الق ر آن الوحيد وأصل الدين اإل س المي ھو رب العالمين وليس له مصدر خالف ذلك. فإذا أمكن بالبحث والتحقيق إقامة الدليل أن أكثر الق ر آن وأغلب عقائده أ خذت من األديان األخرى ومن الكتب التي كانت موجودة في أيام م ح م د وال تزال موجودة حتى اآلن ينھار أساس اإل س الم. وبما أن بعض المعترضين أك دوا أنه في استطاعتھم إقامة األدلة والبراھين على ذلك وجب على ك ل باحث ع ن الح ق وعل ى ك ل مس لم حقيق ي أن يبح ث ف ي ھ ذه القض ية الھامة ليعرف: ھل قول المعترضين صدق أم ك ذب ألن ه إذا اس تطاع دح ض اعتراض ھم أثب ت ص دق دين اإل س الم وأنه من عن د. ولھ ذا الس بب عزمن ا عل ى البح ث ف ي االعتراض ات وف ي تحقي ق دع اوي م ن ذھ ب إل ى أن كثي را م ن تع اليم الق ر آن وعقائ د اإل س الم م أخوذ ومقت بس م ن األديان األخرى ومن الكتب السابقة على الق ر آن. \ ٤ ابن خلدون ج ص ٩. ابن خلدون ج ص ٧ و ٧. سورة األنعام: ٩. ٦/ سورة القدر:. ٩٧/ - ٧ -

8 @+ تأثيرات عرب الجاھلي ية قال المعترضون إن ه بما أن م ح م دا كان قد عزم على إنق اذ الع رب وتحري رھم م ن عب ادة األص نام وھ دايتھم إل ى عب ادة وبم ا أن ه ك ان يع رف أ نھ م ك انوا ف ي زم ن إب راھيم م ؤمنين بوحدانية وبما أنھم حافظوا عل ى كثي ر م ن الع ادات والف روض بطري ق الت وارث ع ن آب ائھم األتقياء فإنه لم ي لز مھم أن يتركوھ ا كلھ ا ب ل ب ذل الجھ د ف ي إص الح دي انتھم وإبق اء ك ل ع ادة قديمة رأى أنھا موافقة ومناسبة. فقال: و م ن أ ح س ن د ين ا م م ن أ س ل م و ج ھ ه و ھ و م ح س ن إ ب ر اھ يم خ ل يال وق ال: ق ل : ص د ق ف ات ب ع وا م ل ة وات ب ع م ل ة إ ب ر اھ يم ح ن يف ا و ات خ ذ إ ب ر اھ يم ح ن يف ا و م ا ك ان م ن ال م ش ر ك ي ن وقال: ق ل : إ ن ن ي ھ د ان ي ر ب ي إ ل ى ص ر اط م س ت ق يم د ين ا ق ي م ا م ل ة إ ب ر اھ يم ح ن يف ا و م ا ك ان م ن ال م ش ر ك ين. وبما أن م ح م دا ظن أ ن العرب حافظوا من عصر إبراھيم على جميع عاداتھم وفروض ھم م ا ع دا عب ادة األص نام والش رك ووأد البن ات واألطفال وما شاكل ذلك من العادات الكريھة أبقى كثيرا من ھذه العادات الدينية واألخالقية ف ي ديانته وحافظ عليھا. ومعروف أن بعض قبائل جنوب بالد العرب وشرقيھا اختلط وا م ع نس ل ح ام ب ن ن وح وقال ابن ھشام والطبري وغيرھما إن كثيرين من سكان جھ ات ب الد الع رب الش مالية والغربي ة تناسلوا من سام بن نوح وبعضھم تناسل من قحطان (يقطان) وبعضھم تناسل من أوالد قطورة زوجة إبراھيم الثانية وتناسل البعض اآلخر (ومنھم قبيلة قريش) من إسماعيل بن إبراھيم. وال ينكر أحد أ ن جميع القبائل التي تناسلت من ذرية سام كانوا يؤمنون بوحدانية. ولكن مع مرور العص ور أخ ذوا الش رك وعب ادة األص نام م ن القبائ ل الس ورية وس كان الجھ ات المج اورة لھ م وأفسدوا ديانة أسالفھم وفسدوا ھم أنفسھم. وم ع ذل ك لم ا نس يت جمي ع األم م األخ رى (م ا ع دا اليھود) وحدانية كان س كان الجھ ات الش مال ية والغربي ة م ن ش به الجزي رة العربي ة متمس كين بالوحدانية تمس كا راس خا. واألرج ح أن دخ ول عب ادة الش مس والقم ر والكواك ب ب ين س كان تل ك ٤ الجھ ات ب دأ ف ي عص ر أي وب. وق ال ھي رودوت أش ھر م ؤرخي اليون ان (نح و ٤٠٠ ق م) إن ٥ العرب سكان تلك الجھات كانوا يعبدون معبودين فقط ھم ا (( أ ر ت ال )) و(( أإلالت )). وقص د ھي رودوت ب المعبود (( أ ر ت ال )) ف إن ھ ذا ھ و اس مه الحقيق ي. وم ع أن ھي رودوت زار ب الد العرب إال أنه كان أجنبيا فلم يتيس ر له ضبط ھذا االسم فحر فه لجھله باللغ ة العربي ة وتھجئتھ ا والنطق بھا. ومن األدلة القوية الدالة على أن ھذه التسمية (أي ) كانت مش ھورة ومنتش رة ب ين العرب قبل زمن م ح م د أنه كثيرا ما ذ كر اسم في سبع معل قات الع رب (وھ ي ت أليف مش اھير شعراء العرب قبل مولد م ح م د أو على األق ل قبل بعثته) فقد ورد في ديوان النابغة ما ن صه: ل ھ م شيمة ل م ي عطھا غ ير ھ م من الجود و األحالم غير عواز ب ٤ ٥ سورة النساء: ٥. ٤/ سورة آل عمران: ٩٥. / سورة األنعام: ٦. ٦/ أيوب ٦ :.٨ تاريخ ھيرودوت كتاب فصل ٨. - ٨ -

9 ذات م ح ل ت ھ م اإل له و دينھ م قويم فما ي ر جو ن غير الع واق ب وأيضا : ألم ت ر أ ن أ عط اك س ور ة فإ ن ك شمس و الم لوك ك واك ب ترى ك ل م ل ك دونھا ي ت ذ بذ ب إ ذا ط ل ع ت لم ي بد م نھن كوك ب وأيضا : و ن حن ل د يه نسأ ل خ لد ه و ن حن ن ر ج ى الخ لد إ ن فاز ق دحنا ي ر د لنا م لكا ولأل ر ض ع ا مر ا و ن ر ھ ب ق د ح الموت إن جاء قام را وقال لبيد في ديوانه: ل ع مر ك ما تدري الض وارب بالح صى و ال زاج رات الط ير ما صان ع وق د كان ت الكعب ة م ن ق ديم األي ام أق دس مس جد عن د جمي ع قبائ ل الع رب. ق ال ثي ودور الصقلي أحد مؤرخي اليونان (نحو ٦٠ ق م) إن الع رب ك انوا يعتب رون الكعب ة ف ي ذل ك الوق ت مسجدا مقدس ا. وك ان يطل ق عل ى ھ ذا المق دس (( بي ت )). وي س تدل م ن دخ ول أداة التعري ف على لفظ الجاللة أن العرب لم ينسوا عقيدة وحدانية وأنه كان عن دھم كثي ر م ن المعب ودات حتى أطلق عليھم الق ر آن بس ببھا اس م (( المش ركين )) ألنھ م أش ركوا م ع غي ره م ن المعب ودات وعب دوھا وظن وا أن ھ ا ش ريكة مع ه ف ي اإلك رام والعب ادة. ولك نھم ك انوا يقول ون ال نعب د ھ ذه المعبودات الثانوية كما نعبد الحي (الذي ھو ) بل بالعكس إن ا نعتبرھم ش فعاء ولن ا الرج اء أن نستميل بشفاعتھم الحقيقي إلجابة طلباتنا. وقال الشھرس تاني: (( إن الع رب ك انوا يقول ون: الشفيع والوسيلة من ا إلى تعالى ھم األصنام المنصوبة فيعبدون األص نام الت ي ھ ي الوس ائل )). ومن األدلة على أن عب دة األصنام كانوا يعتقدون بھذا ما ورد في كتاب (( المواھب اللدنية )) : (( قد م نفر من مھاجري الحبشة ح ين ق رأ م ح م د و ال ن ج م إ ذ ا ھ و ى حت ى بل غ أ ف ر أ ي ت م ٤ ال ال ت و ال ع ز ى و م ن اة الث ال ث ة األ خ ر ى ألق ى الش يطان ف ي أمنيت ه (أي ف ي تالوت ه) (( تل ك الغرانيق الع لى وإن شفاعتھن لت رتجي )) فلما ختم السورة سجد (ص) وسجد مع ه المش ركون لتوھ مھم أنه ذكر آلھتھم بخير. وفشى ذلك بالناس وأظھره الشيطان حتى بلغ أرض الحبشة وم ن بھا م ن المسلمين: عثمان بن مظع ون وأص حابه وتح دثوا أن أھ ل مك ة ق د أس لموا كلھ م وص لوا معه (ص) وقد أم ن المسلمون بمكة فأقبلوا س راعا من الحبشة )). وذك ر اب ن إس حق واب ن ھش ام والط ب ري وكثي رون غي رھم م ن م ؤرخي اإل س الم ھ ذه الحكاية أيضا وأيدھا يحيى وجالل الدين والبيضاوي في تفاسيرھم لسورة الح ج (/ ٥) و م ا أ ر س ل ن ا م ن ق ب ل ك م ن ر س ول و ال ن ب ي إ ال إ ذ ا ت م ن ى أ ل ق ى الش ي ط ان ف ي أ م ن ي ت ه ف ي نس خ م ا ي ل ق ي الش ي ط ان. وقال الشھرستاني بخصوص مذاھب قدماء العرب وعاداتھم: ٤ تاريخ ثيودور الصقلي كتاب. الملل والنحل ص ٠٩. سورة النجم:. ٥/ سورة النجم: ٩ ٥/ و ٠. - ٩ -

10 (( والع رب الجاھلي ة أص ناف: فص نف أنك روا الخ الق والبع ث وق الوا ب الطبع المحي ي وال دھر المفن ي كم ا أخب ر ع نھم التنزي ل. وق الوا: م ا ھ ي إال حياتن ا ال دنيا نم وت ونحي ا. وقول ه: و م ا ي ھ ل ك ن ا إ ال ال د ھ ر. وص نف اعترف وا بالخالق وأنك روا البع ث وھ م ال ذين أخب ر ع نھم بقول ه: أ ف ع ي ين ا ب ال خ ل ق األو ل ب ل ھ م ف ي ل ب س م ن خ ل ق ج د ي د. وص نف عب دوا األص نام وكان ت أصنامھم مختصة بالقبائل فكان و د لكلب وھو بدومة الجندل وس واع لھذيل ويغوث لم ذ ح ج ولقبائل من ال يمن ونس ر ل ذي الك الع ب أرض حمي ر وي ع وق لھمذان والال ت لثقيف بالطائف والع ز ى لق ريش وبن ي كنان ة ومن اة ل ألوس والخزرج وھ ب ل أعظم أصنامھم. وكان ھ بل على ظھ ر الكعب ة وك ان أس اف ونائلة على الص فا والمروة. وكان منھم من يميل إلى اليھود وم نھم م ن يمي ل إلى الن صران ية ومنھم من يميل إلى ال صابئة ويعتقد في أنواء المن ازل اعتق اد المنج مين ف ي الكواك ب حت ى ال يتح رك إال بن وء م ن األن واء ويق ول أمطرن ا بنوء كذا. وكان منھم من يعبد المالئكة ومنھم من يعبد الجن. وكانت عل ومھم علم األنساب واألنواء والت واريخ وتفسير األحالم وكان ألبي بكر الص ديق فيھا يد طولى )). (( وكانت الجاھلية تفعل أش ياء ج اءت ش ريعة اإل س الم بھ ا فك انوا ال ينكح ون األمھات والبنات. وكان أقبح شيء عندھم الجمع بين األختي ن وك انوا يعيب ون المت زو ج ب امرأة أبي ه ويس مونه (( الض يزن )). وك انوا يحج ون البي ت ويعتمرون ويحرمون ويطوفون ويسعون ويقفون المواقف كلھا ويرم ون الجمار. وك انوا يكبس ون ف ي ك ل ثالث ة أع وام ش ھرا. ويغتس لون م ن الجناب ة. وك انوا ي داومون عل ى المضمض ة واالستنش اق وف رق ال رأس والس واك واالس تنجاء وتقل يم األظ افر ونت ف اإلب ط وحل ق العان ة والخت ان وك انوا يقطعون يد السارق اليمنى )). ق ال اب ن إس حاق واب ن ھش ام إن ذري ة إس ماعيل ك انوا أوال يعب دون الواح د وال يشركون معه أحدا ثم سقطوا في عبادة األصنام. ومع ذل ك فق د ح افظوا عل ى كثي ر م ن الع ادات والفروض التي كانت ف ي أي ام إب راھيم فل م ينس وا أن ك ان أرف ع م ن معب وداتھم ب ل أن ه ھ و الحاكم والمتسلط عليھا جميعا. وذ كر في سيرة الرسول: (( خ ل ف الخ ل وف ون س و ا م ا ك انوا علي ه واس تبدلوا ب دين إب راھيم وإس معيل غير ه فعبدوا األوثان وصاروا إلى ما كانت عليه األمم ق ب ل ھم م ن الض الالت و ف يھم عل ى ذل ك بقاي ا م ن عھ د إب راھيم يتمس كون بھ ا م ن تعظ يم البي ت والطواف به والحج والعمرة والوقوف على عرف ة والمزدلف ة وھ د ى الب دن واإلھالل بالحج والع مرة مع إدخالھم فيه م ا ل يس من ه. فكان ت كنان ة وق ريش إذا أھل وا قالوا: (( ل بي ك الل ھم لبي ك ل بي ك ال شريك لك إال شريك ھو لك تملكه وما م ل ك )). فيوحد نه بالتلبية ثم ي دخ لون معه أصنام ھم ويجعلون م ل ك ھ ا بي ده. (( سورة الجاثية: ٤. ٤٥/ سورة ق: ٥. ٥٠/ من كتاب الملل والنحل للشھرستاني. - ٠ -

11 وذكر في الق ر آن قوله: إ ن ر ب ك م ال ذ ي خ ل ق الس م او ات و األ ر ض ف ي س ت ة أ ي ا م ث م ر ب ك م ف اع ب د وه أ ف ال اس ت و ى ع ل ى ال ع ر ش ي د ب ر األ م ر م ا م ن ش ف يع إ ال م ن ب ع د إ ذ ن ه. ذ ل ك م ت ذ ك ر ون. فالواض ح م ن ھ ذا أن الع رب ف ي أي ام الجاھلي ة ك انوا يعب دون بش فاعة الع ز ى و مناة وال ال ت. وحينئ ذ يص دق عل ى الع رب ال وثنيين ال مس لمي ھ ذا الزم ان ق ول الق ر آن إنھ م مش ركون. فين تج م ن ذل ك أن س كان ب الد الع رب ح افظوا عل ى عب ادة إل ى عص ر م ح م د واعترف وا بوحدانيت ه. وبن اء عل ى ذل ك يق ول المعترض ون إن م ح م دا أخ ذ ھ ذه العقي دة م ن قوم ه وتعلمھا م ن ج دوده وأس الفه ويتض ح م ن اس م وال ده (( عب د )) واس م اب ن أخي ه (( عبي د )) الوارد فيھما لفظ الجاللة ب أداة التعري ف (وھ ي دالل ة عل ى الوحداني ة). إ ن ھ ذه العقي دة الش ريفة كان ت معروف ة قب ل بعث ة م ح م د وأن الديان ة اإل س المية أخ ذت ع ادات الط واف واإلھ الل واإلحرام وغيرھا كثيرا من ديانة ھذه القبائل القديمة. وكان الختان من ھذه العادات كما قال الشھرستاني. ويتضح من نب ذة ص غيرة تس مى (( رسالة برنابا )) أن الختان لم يكن عند العرب فقط من قديم الزمان بل كان مرعيا عند أمم كثيرة أيض ا ف إن مؤل ف ھ ذه الرس الة (الت ي ك تب ت نح و س نة ٠٠ م) ق ال: (( إن ك ل س وري وعرب ي وجمي ع كھن ة األص نام يختتن ون )). وك ان الخت ان مرعي ا عن د ق دماء المص ريين أيض ا. وم ع أن العرب كانوا يعبدون أصناما كثيرة في أيام م ح م د حتى كان يوجد في الكعبة ٦٠ تمثاال إال أن ابن إسحق وابن ھشام قاال إن عمرو بن لحي وھذيل بن مدركة أتي ا بعب ادة األص نام م ن س وريا إلى مكة خمس ة عش ر ج يال قب ل عص ر م ح م د. وال يحت اج أح د إل ى وح ي وإلھ ام لمعرف ة قباح ة وبطالن ھذه العادة المستحب ة جدا عند العرب بحي ث ل م ي تمكن م ح م د م ن م نعھم ع ن مزاولتھ ا. وھذا ھو سبب تقبيل الحجيج الحجر األسود إلى يومنا ھذا. واض ح أن مص در الديان ة اإل س المية األول ك ان تل ك الف روض الديني ة والع ادات واالعتقادات التي كانت متداولة وسائدة في أي ام م ح م د ب ين قبائ ل الع رب والس يما ق ريش. ول م أعرف جوابا يرد به المسلمون على أقوال المعترضين ھذه إال قولھم إن ھذه الفروض والعادات أنزلھا أوال على إبراھيم ث م أم ر م ح م دا أن يبلغھ ا للن اس ثاني ة ليتمس كوا بھ ا تمس كا راس خا. ولكن واضح من أسفار موسى الخمسة أ ن االعتقاد بوحدانية وفرض الختان كان م ن أرك ان ديان ة إب راھيم إال أن ه ل م ي رد ف ي الت وراة واإلنجي ل ذك ر لمك ة وال للكعب ة وال للط واف وال للحجر األسود وال لإلحرام. وال شك أن العادات المرتبطة والمتعلقة بھذه األشياء ھي اختراعات عبدة األصنام وليس لھا أدنى ارتباط وال عالقة بدين إبراھيم. وقال المعترضون إن بعض آيات الق ر آن مقتبسة من القصائد التي كانت منتشرة ومتداولة بين قريش قبل بعثة م ح م د. وأوردوا بعض قصائد منسوبة إلى امرئ الق يس مطبوع ة ف ي الكت ب باسمه تأييدا لقولھم. وال شك أنه ورد في ھذه القص ائد بع ض أبي ات تش به آي ات الق ر آن ب ل ھ ي عينھ ا أو تختل ف عنھ ا ف ي كلم ة أو كلمت ين ولكنھ ا ال تختل ف معھ ا ف ي المعن ى مطلق ا. وھ اك األبيات التي يوردھا المعترضون وقد أظھرنا العبارات التي اقتبسھا الق ر آن بخط أوضح: د ن ت ال ساعة وأن شق ال ق م ر أ ح و ر ق د ح ر ت ف ي أوصاف ه ع ن غ زل صاد ق لبي ون ف ر ن اع س الط ر ف بع ي ن ي ه ح و ر سورة يونس:. ٠/ كما يطلب المسلمون في الوقت الحاضر غفران الخطايا من عز وجل بشفاعة األولياء. س ورة الق م ر : /٥٤. - -

12 ه م ر ي و م ال ع يد في ز ينت ه ب سھام م ن ل حا ظ فا ت ك و إذا ما غ اب ع ن ي ساع ة كتب ال ح س ن على و ج ن ت عاد ة األقمار ي س ر ي في الد جى ٤ بالض حى والليل من طر ته قلت إ ذ ش ق ال عذار خد ه ف ر ماني ف تعاطى ف ع قر ف ت ر كن ي ك ھ شي م ال م ح ت ظ ر ك انت ال ساعة أ د ھى و أ م ر بس حيق ال م س ك س ط را مخ ت ص ر ف ر أي ت الل يل ي س ري ب ال ق م ر فرقه ذا النور كم شيء ز ھ ر د ن ت ال ساع ة وان شق ال ق م ر وله أيضا : أ ق ب ل وال ع شاق م ن خ ل ف ه وج اء ي وم العي د ف ي زينته ٥ ك أن ھ م م ن ح د ب ي ن س ل ون ٦ ل م ث ل ذا ف ل ي ع مل ال عام ل ون وقال المؤرخون إنه جرت العادة سابقا بين الع رب أن ه إذا نب غ بي نھم رج ل فص يح بلي غ وألف قصيدة بديعة غراء عل قھا على الكعبة وأن ھذا ھو سبب تسمية (( المعلق ات الس بع )) بھ ذا االسم ألنھا ع ل قت على الكعبة. غير أن بعض المحققين الثقاة أنكروا أن ھ ذا ھ و س بب التس مية. إال أن ھذا قليل األھمية. وقال المفسر الشھير أبو جعف ر أحم د ب ن إس ماعيل النح اس (ت وفي س نة ٨ ھ) في ھذا الصدد: (( اختلفوا ف ي ج امع ھ ذه القص ائد الس بع وقي ل إن أكث ر الع رب ك انوا يجتمع ون بعك اظ ويتناش دون الش عر ف إذا استحس ن المل ك قص يدة ق ال: علقوھ ا واثبتوھ ا ف ي خزانتي. فأما قول من قال ع ل قت على الكعبة فال يعرفه أحد من الرواة. وأص ح م ا قي ل ف ي ھ ذا إن حمادا الر اوية لما رأى ز ھد الناس في الشعر جمع ھذه السبع وحض ھم عليھا وقال لھم: ھذه ھ ي المش ھورات. فس م يت (( القص ائد المش ھورة )) لھ ذا الس بب. وق ال الس يوطي ب الفكرة نفس ھا وأضاف إليھا أن األشعار كانت ت عل ق على الكعبة. ومن الحكايات المتداولة في عصرنا الحاضر أنه لما كانت فاطمة بنت م ح م د تتلو آي ة ٧ اق ت ر ب ت الس اع ة و انش ق ال ق م ر سمعتھا بنت امرئ الق يس فقال ت لھ ا: ھ ذه قطع ة م ن قص ائد أبي أخذھا أبوك واد ع ى أن أنزلھ ا علي ه. وم ع أن ه يمك ن أن تك ون ھ ذه الرواي ة كاذب ة ألن امرء القيس توفي سنة (٥٤٠ م) ولم يولد م ح م د إال ف ي س نة الفي ل (أي س نة ٥٧٠ م) إال أن ه ال ينكر أن األبيات المذكورة واردة في (سورة القمر: ٥٤/ و ٧ و ٩ س ورة الض حى: ٩/ و سورة األنبياء: ٩٦ / سورة الصافات: ٦) ٧/ مع اختالف طفيف ف ي اللف ظ ول يس في المعنى. مثال ورد في الق ر آن (( اقتربت )) بينم ا وردت ف ي القص يدة (( دن ت )). فم ن الواض ح وجود مشابھة بين ھذه األبيات وبين آي ات الق ر آن. ف إذا ثب ت أ ن ھ ذه األبي ات ھ ي الم رئ الق يس حقيقة فحينئذ يصعب على المسلم توضيح كيفية ورودھا في الق ر آن ألنه يتعذر على اإلنسان أن يصدق أن أبيات وثني كانت مسطورة في الل وح المحفوظ قبل إنشاء العالم. ٤ ٥ ٦ ٧ س ورة الق م ر : /٥٤.٩ س ورة الق م ر : /٥٤. س ورة الق م ر : /٥٤.٤٦ س ورة الض ح ى:. /٩ س ورة األنبياء : ٩٦. / س ورة الص افات : ٦. ٧/ سورة القمر:. ٥٤/ - -

13 ولست أرى مخرجا لعلماء اإل س الم م ن ھ ذا اإلش كال إال أن يقيم وا ال دليل عل ى أن ام رء القيس ھو الذي اقتبس ھذه اآليات من الق ر آن أو أنھا ليست من نظم امرئ القيس الذي توفي قبل مولد م ح م د بثالثين سنة. ولو أنه سيصعب علينا أن نصدق أن ناظم ھذه القصائد بلغ إلى ھذا الحد م ن التھت ك واالس تخفاف والج راءة بع د تأس يس مملك ة اإل س الم حت ى يقت بس آي ات م ن الق ر آن ويستعملھا بالكيفية المستعملة في ھذه القصائد! - -

14 #+ تأثيرات الصابئين واليھود لما شرع م ح م د في ادعاء النبوة وبذل كل ما في وسعه إلبعاد قومه ع ن عب ادة األص نام وإرج اعھم إل ى دي ن إب راھيم ل م يك ن عن د الع رب كت ا ب وح ي إلھ ي ي ع و ل علي ه جمي ع قبائ ل العرب أو يتخذونه قانونا ودستورا لھ م. فك ان يص عب ج دا إص الح م ا فس د واخت ل م ن دي انتھم وكان رأب ھذا الصدع في غاية الص عوبة. وم ع ذل ك فق د ك ان بي نھم ث الث طوائ ف تت داول كتب ا ديني ة ھي: الصابئون واليھود والنصارى لك ل طائف ة منھ ا نف وذ وش أن ف ي الديان ة اإل س المية التي كانت في ذلك العصر شبيھة بطفل مولود حديثا. الصابئون: لم يبق أثر لديانة الصابئين فقال أبو الفداء في كتابه )) المختصر في أخبار البشر (( ذكر أمة الس ريان والص ابئين م ن كت اب أب ي عيس ى المغرب ي ق ال: أم ة السريان ھي أقدم األمم. وكان ك الم آدم وبني ه بالس رياني ومل تھم ھ ي مل ة الص ابئين. وي ذكرون أن ھ م أخ ذوا دي نھم ع ن ش يث وإدري س. ولھ م كت اب يعزون ه إل ى ش يث ويس مونه ص حف ش يث ي ذكر في ه محاس ن األخ الق مث ل: الص دق والش جاعة والتعص ب للغري ب وم ا ش ابه ذل ك وي أمر ب ه. ويذكر الرذائل ويأمر باجتنابھا. وللص ابئين عب ادات منھ ا س بع ص لوات منھن خمس توافق صلوات المسلمين والس ادسة ص الة الض حى والس ابعة ص الة يك ون وقتھ ا تم ام الس اعة السادس ة م ن اللي ل وص التھم كص الة المس لمين م ن الن ي ة وأ ن ال يخلطھ ا الم ص لي بش يء م ن غيرھ ا. ولھ م الص لوات على الميت بال ركوع وال س جود. ويص ومون ثالث ين يوم ا وإ ن نق ص الش ھر الھالل ي ص اموا تس عة وعش رين يوم ا. وك انوا يراع ون ف ي ص ومھم الفط ر والھ الل بحي ث يك ون الفط ر وق د دخل ت الش مس الحم ل. ويصومون من ربع اللي ل األخي ر إل ى غ روب ق رص الش مس. ولھ م أعي اد عند ن زول الكواك ب الخمس ة المتحي رة بي وت أش رافھا والخمس ة المتحي رة زحل والمشتري والمر يخ والزھرة وعطارد ويعظمون بيت مكة )). :(( فيتض ح م ن ھ ذا أن المس لمين أخ ذوا م ن ق دماء الص ابئين الص يام والص لوات الخم س وغيرھا من الفرائض. اليھود: ك ان لليھ ود ف ي عص ر م ح م د والس يما قب ل الھج رة س طوة عظيم ة ف ي ب الد الع رب وكانوا أيضا كثيري العدد. ومن أشد القبائل اليھودية بأسا وأعظمھا شأنا : بنو قريظة وبنو قينق اع وبنو النضير. ولما اتضح أنھم مصممون على عدم االعتراف بنبو ة م ح م د ورسالته نشبت بي نھم - ٤ -

15 وبين المسلمين معارك وبكل صعوبة ومشقة تمك ن المسلمون م ن أن يغلب وھم بق تلھم أو ط ردھم من بالد العرب. وم ع أن أولئ ك اليھ ود ل م يكون وا مش ھورين بالمع ارف إال أنھ م ح افظوا بغاي ة الحرص على كتب أنبيائھم مثل خمسة أسفار موسى ومزامير داود وغيرھا. ولھذا السبب قيل عنھم وعن النصارى أيضا في الق ر آن إنھم (( أھل الكتاب )). ومع أن كثيرين م نھم ل م يكون وا يعرفون اللغة العبرية حق المعرفة إال أنھم نقلوا كاليھود القاطنين في مصر وغيرھ ا بطري ق التواتر كثيرا من القصص والروايات الموجودة في التلمود وغيره من الخرافات الباطلة. وكثي را م ا ك انوا يكررونھ ا م ع أن ه ال أص ل لھ ا ف ي ت وراتھم عوض ا ع ن ذك ر تع اليم ال وحي اإللھ ي المدون ة ف ي الكت ب الس ماو ية. وم ا ذل ك إال لع دم فھمھ م لش ريعة موس ى وس ائر الكت ب الرباني ة. وكانت العرب في أيام الجاھلية يراعون مقام اليھود ألنھم كانوا متأكدين أنھم ذرية إبراھيم خليل. وأنھم كانوا ال يزالون حفظة كلمة فلما رأى م ح م د أن عبادة األصنام ليست مناسبة بل مكروھة أمام الواح د ولم ا ك ان قد عزم على إرجاع قومه إلى دين إبراھيم الخليل فاألرجح أنه وج ه أنظاره إلى اليھود لالستفادة منھم. فاستفھم منھم عن عقائد دين إبراھيم وفرائضه. وإذا قارنا بين التعاليم واألخبار الواردة في الق ر آن واألحاديث وبين التع اليم والقص ص والحكاي ات الت ي كان ت متداول ة ب ين اليھ ود ف ي تل ك العصور يتض ح لن ا العالق ة واالرتب اط والمش ابھة العجيب ة. وم ا يؤي د أن م ح م دا تعل م م ن اليھ ود وأخذ عنھم كل ما أمكنھم أن يفيدوه به عن دين إبراھيم ھ و ورود آي ات كثي رة ف ي الق ر آن ن ص فيھا صريحا بأن دين إبراھيم كان حقا. وز د على ذلك أنه شھد أن ھو الذي أنزل كتب اليھ ود الموحى بھا وأن عندھم الديانة الحقيقية فقال: و ال ت ج اد ل وا أ ھ ل ال ك ت اب إ ال ب ال ت ي ھ ي أ ح س ن إ ال ال ذ ين ظ ل م وا م ن ھ م. و ق ول وا: آم ن ا ب ال ذ ي أ نز ل إ ل ي ن ا و أ نز ل إ ل ي ك م و إ ل ھ ن ا و إ ل ھ ك م و اح د و ن ح ن ل ه م س ل م ون. ق ول وا آم ن ا ب ا و م آ أ نز ل إ ل ي ن ا و م ا أ نز ل إ ل ى إ ب ر اھ يم و إ س م اع يل و إ س ح ق و ي ع ق وب و األس ب اط و م ا أ وت ي م وس ى و ع يس ى و م ا أ وت ي الن ب ي ون م ن ر ب ھ م ال ن ف ر ق ب ي ن أ ح د م ن ھ م و ن ح ن ل ه م س ل م ون. وبن اء عل ى اقتن اع م ح م د بص ح ة ھ ذا االعتق اد جع ل بي ت المق دس (أورشليم) في مبدأ األمر ق بلة للمسلمين ألنھا كانت ق بلة اليھود. وقد رد بعض علماء المسلمين على أن م ح م دا أخذ من اليھود التع اليم والقص ص ال واردة في الق ر آن والتي تشبه التعاليم والقصص الواردة في التلمود وفي كتب اليھود األخرى بقولھم إن م ح م دا تس م ى ف ي س ورة األع راف (٧/ ٥٧) (( النب ي األم ي )) لع دم معرفت ه الق راءة والكتاب ة وعليه فھو لم يقرأ كتب اليھود. فكيف اقتبس منھا تعاليمه ونرد على ذلك بأن سبب تسميته (( األمي )) ھو أنه لم ينشأ بين اليھود بل نشأ بين األم م وقد اعتاد اليھود أن يطلقوا لقب (( األمم )) على كل من لم يكن يھوديا كم ا ك ان الع رب يطلق ون لقب (( العجم )) ليس على الفارسي فقط بل على كل من لم يكن عربي ا. ومعنى (( عجمي )) ف ي األصل (( من ليس ذلق اللسان وفصيح المنطق )). فإذا قرأنا ف ي بع ض الكت ب العربي ة أن ح افظ الشيرازي كان عجميا فليس المقصود أنه لم يكن فصيحا بل أنه لم يكن من العرب. وإذا فرضنا جدال أن م ح م دا كان أميا ال يعرف القراءة وال الكتابة فھل ك ان يبع د علي ه أن يس تفھم م ن غي ره فيعرف تعليم اليھود وعقائدھم وال شك أن ھذا كان متيس را له والسيما أن بعض أصحابه كعبيد بن سالم وحبيب بن ما ك ل وورقة بن نوفل كانوا من اليھود أو يدينون بدين اليھود أوال ثم آمنوا بم ح م د. ومع أنه لم يكن لھم إلمام ت ام بحق ائق تع اليم العھ د الق ديم الص حيحة إال أنھ م ك انوا يعرفون على األقل بعض القصص والحكايات والخرافات التي كانت متداولة في تل ك األي ام ب ين سورة العنكبوت: ٤٦. ٩/ سورة البقرة: ٦. / - ٥ -

16 اليھود وبلغت مبلغ التواتر. وإذا قارنا بين الق ر آن وب ين تل ك القص ص المدو ن ة ف ي التلم ود وف ي غي ره م ن الكت ب المش حونة باألوھ ام الت ي ال ت زال متداول ة ب ين اليھ ود اتض ح لن ا أن م ح م دا استعارھا من كتب اليھود الفارغة. نعم ال ننك ر أن ه كثي را م ا ورد ف ي الق ر آن أخب ار ع ن س يرة إب راھيم وغي ره م ن األفاض ل أكث ر مم ا ورد ف ي أس فار موس ى الخمس ة ولك ن أورد معارض و اإل س الم القص ص اآلتي ة ليؤي دوا بھ ا أن الق ر آن اقت بس قصص ه وحكايات ه م ن خراف ات اليھ ود الفارغة: ) ) قصة قايين وھابيل: لم يذكر الق ر آن صريحا اسم ابني آدم ولكنه أورد قصتھما ونص ھا: و ات ل ع ل ي ھ م ن ب أ اب ن ي آد م ب ال ح ق إ ذ ق ر ب ا ق ر ب ان ا ف ت ق ب ل م ن أ ح د ھ م ا و ل م م ن ال م ت ق ي ن. ل ئ ن ي ت ق ب ل م ن اآلخ ر ق ال : أل ق ت ل ن ك. ق ال : إ ن م ا ي ت ق ب ل ر ب ب س طت إ ل ي ي د ك ل ت ق ت ل ن ي م ا أ ن ا ب ب اس ط ي د ي إ ل ي ك أل ق ت ل ك إ ن ي أ خ اف ال ع ال م ين. إ ن ي أ ر ي د أ ن ت ب وء ب إ ث م ي و إ ث م ك ف ت ك ون م ن أ ص ح اب الن ا ر. و ذ ل ك ج ز اء الظ ال م ين. ف ط و ع ت ل ه ن ف س ه ق ت ل أ خ ي ه ف ق ت ل ه ف أ ص ب ح م ن غ ر اب ا ي ب ح ث ف ي األ ر ض ل ي ر ي ه ك ي ف ي و ار ي س و ء ة ال خ اس ر ين. ف ب ع ث أ خ يه. ق ال : ي ا و ي ل ت ا أ ع ج ز ت أ ن أ ك ون م ث ل ھ ذ ا ال غ ر ا ب ف أ و ار ي س و ء ة أ خ ي. ف أ ص ب ح م ن الن اد م ين. م ن أ ج ل ذ ل ك ك ت ب ن ا ع ل ى ب ن ي إ س ر ائ يل أ ن ه م ن ق ت ل ن ف س ا ب غ ي ر ن ف س أ و ف س اد ف ي األ ر ض ف ك أ ن م ا ق ت ل الن اس ج م يع ا و م ن أ ح ي اھ ا ف ك أ ن م ا أ ح ي ا الن اس ج م يع ا. وق د روى اليھ ود رواي ات مختلف ة بط رق ش تى عم ا دار ب ين ق ايين وھابي ل م ن ھ ذه المحاورة الوھمية فورد في ترجوم يوناثان بن عزيا وفي الترج وم المس مى األورش اليمي أن قايين قال: (( ال عقاب وال حساب على الخطية وال ث واب وال مج ازاة عل ى الص الح )). غي ر أن ھابيل اعترف بوجود عقاب وثواب ل ذلك ض رب ق ايين أخ اه بحج ر وقتل ه. وورد ف ي كت اب فرقى رب ي اليعزر (فصل ) ما ورد في الق ر آن بخصوص دفن جثة ھابيل إال أن الغراب الذي وارى القتيل (في الرواية اليھودية) عل م آدم (وليس قابيل) كيف يواري الجثة. وھاك نص الرواية اليھودية: (( كان آدم ومعينته حواء جالسين يبكيان ويندبان عليه على ھابيل ولم يعرفا ماذا يفعالن بھابيل ألنھما لم يعرفا الدفن. فأتى غراب كان أحد أصحابه قد مات وأخذه وحف ر ف ي األرض ودفن ه أم ام أعينھم ا. فق ال آدم: سأفعل كما فعل ھذا الغراب. فأخذ جثة ھابيل وحفر في األرض ودفنھا )). أما ما ذكر في اآلية من السورة المذكورة ف ال عالق ة بين ه وب ين م ا ذك ر ف ي اآلي ات المتقدمة. ولكن إذا رجعنا إلى كتاب مشناه سنھدرين (فصل ٤ فقرة ٥) رأينا ھذه القصة مذكورة بالتفصيل وھي في الق ر آن ناقصة غير مستوفية. وھكذا تت ضح العالقة ب ين اآلي ة الم ذكورة أع اله وبين قصة قت ل ھابي ل ألن المفس ر اليھ ودي ف ي تفس يره لآلي ة (( م اذا فعل ت ص وت دم أخي ك سورة المائدة ٧. ٥: اسمه في الكتب العربية قابيل. كلمة دم في األصل العبري للتوراة بصيغة الجمع. - ٦ -

17 ٤.(( صارخ إلي من األرض قال: (( وجدنا قايين الذي قتل أخاه أنه قيل عنه (( صوت دماء أخيك صارخ إلي )). فلم يق ل (( دم أخيك )) بل (( دماء أخيك )) يعني: دمه ودم ذر يته ولھذا السبب خ لق آدم وحده ليعل مك أن كل من أھلك نفسا من إسرائيل فالكتاب يحسبه كأنه أھلك العالم جميعا. وك ل من أحيا نفسا فالكتاب يحسبه كأن ه أحي ا الع الم جميع ا. وق د ت رجم ت اآلي ة م ن س ورة المائ دة حرفيا تقريبا من أقوال ھذا المفسر اليھ ودي الق ديم. ولك ن بم ا أن الق ر آن أخ ذ نص ف ھ ذه الفق رة فقط فيلزم لفھم معناھا الرجوع إلى أصل ھذه اآلية الق ر آنية كم ا أوض حناه ھن ا فيظھ ر معناھ ا للقارئ بوضوح. ) ) قصة إنقاذ إبراھيم من نار نمرود: لم ترد ھذه القصة في مكان واحد في الق ر آن ب ل وردت مفر ق ة مش تتة ف ي س ور كثي رة فوردت في: (سورة البقرة: ٦٠ / سورة األنعام: ٧٤ ٦/ ٨٤ سورة مريم: ٤ ٩/ ٥٠ س ورة األنبي اء: ٥ / ٧ س ورة الش عراء: ٦٩ ٦/ ٧٩ س ورة العنكب وت: ٦ ٩/ سورة الص افات: ٨ ٧/ س ورة الزخ رف: ٦ ٤/ ٨ س ورة الممتحن ة: ٦٠/ وف ي غيرھ ا). ولك ن م ن يق رأ قص ة إب راھيم ف ي أوائ ل كت اب (( قص ص األنبي اء )) أو كت اب (( ع رائس المج الس )) (أو ف ي غيرھم ا) يج د أن جمي ع ھ ذه القص ص ال واردة ف ي الق ر آن أو ف ي األحاديث مأخوذة من أحد كتب اليھود المس مى (( م دراش رب اه )). ولبرھن ة ذل ك ن ورد أوال ھ ذه القصة بنص ھا كما وردت في الق ر آن و(( عرائس المجالس )) وغيره ثم نوردھا بنصھا من الكتاب اليھودي المذكور أعاله ثم نقارن ھاتي ن الروايت ين الواحدة باألخرى فينجلي الحق. قال أبو الفداء في كتابه )) المختصر في أخبار البشر )): (( ك ان آزر أب و إب راھيم يص نع األص نام ويعطيھ ا إلب راھيم ليبيعھ ا فك ان إبراھيم يقول: من يشتري ما يض ره وال ينفع ه ث م لم ا أم ر إب راھيم أن ي دعو قوم ه إل ى الت وحي د دع ا أب اه فل م ي جب ه ودع ا قوم ه. فلم ا فش ا أم ره واتصل بنمرود بن كوش وھو ملك تلك البالد.. أخذ نمرو د إبراھي م الخليل ورماه في نار عظيمة فكانت الن ار عليه بردا وسالما وخرج إب راھيم م ن الن ار بعد أ يام ثم آمن به رجال من قومه )). وورد في ((عرائس المجالس ف ل م ا ج ن ع ل ي ه الل ي ل ر أ ى ك و ك ب ا ق ال : ھ ذ ا ر ب ي ف ل ما أ ف ل ق ال ال أ ح ب اآلف ل ين. ف ل م ا ر أ ى ال ق م ر ب از غ ا ق ال : ھ ذ ا ر ب ي ف ل م ا أ ف ل ق ال : ل ئ ن ل م ي ھ د ن ي ر ب ي ألك ون ن م ن ال ق و م الض ال ين. ف ل م ا ر أ ى الش م س ب از غ ة ق ال : ھ ذ ا ر ب ي ھ ذ ا أ ك ب ر ف ل م ا أ ف ل ت ق ال : ي ا ق و م إ ن ي ب ر يء م م ا ت ش ر ك ون. إ ن ي و ج ھ ت و ج ھ ي ل ل ذ ي ف ط ر الس م او ات و األ ر ض ح ن يف ا و م ا أ ن ا م ن ال م ش ر ك ين. : (( تكوين:.٠ /٤ سورة األنعام: ٧٦ ٦/ ٧٩. قالوا: وكان أبوه يصنع األصنام فلم ا ض م إب راھيم إل ى نفس ه جع ل يص نع األصنام ويعطيھا إلبراھيم ليبيعھا فيذھب بھا إبراھيم فينادي: من يشتري - ٧ -

18 ٤ ٥ ٦ ٧ ٨ ٩ ما يضر وال ينفع فال يشتري أحد منه. فإذا بارت عليه ذھب بھ ا إل ى نھ ر فضرب رؤوسھا وق ال لھ ا: (( اش ربي. كس د تي )) اس تھزاء بقوم ه وبم ا ھ م عليه من الض اللة والجھالة حتى فشا عيبه واستھزاؤه بھا ف ي قوم ه وأھ ل قريته فحاج ه قومه في دينه فقال: و ح آج ه ق و م ه ق ال أ ت ح اج ون ي ف ي و ق د ھ د ان.. و ت ل ك ح ج ت ن ا آت ي ن اھ ا إ ب ر اھ يم ع ل ى ق و م ه ن ر ف ع د ر ج ات م ن ن ش اء إ ن ر ب ك ح ك يم ع ل يم حتى خصمھم وغلبھم بالح ج ة. ث م إ ن إبراھيم دعا أباه آزر إلى دينه فقال: يا أبت ل م تعبد م ا ال يس مع وال يبص ر وال يغني عنك شيئا إلى آخر القصة. فأبى أبوه اإلجابة إلى ما دع اه إلي ه ثم إ ن إبراھيم جاھر قومه بالبراءة م ما كانوا يعبدون وأظھر دينه فقال : أف رأيتم م ا كن تم تعب دون أن تم وآب اؤكم األق دمون ف إن ھم ع دو ل ي إال رب العالمين. قالوا: فمن تعبد أنت قال: رب العالمين. قالوا: تعني نمرود فقال: ال ال ذي خلقن ي فھ و يھ دين. إل ى آخ ر القص ة. ففش ا ذل ك ف ي الن اس حتى بلغ نمرود الجب ار فدعاه فقال له: يا إبراھيم أرأيت إلھ ك ال ذي بعث ك وتدعو إلى عبادته وتذكر من قدرته التي تعظمه بھا على غيره ما ھو قال ٤ إبراھيم: ربي الذي يحيي ويميت. فقال نمرود: أنا أحيي وأميت. قال إبراھيم: كيف تحيي وتميت قال: آخذ رجلين قد استوجبا القت ل ف ي حكم ي فأقتل أحدھما فأكون قد أمت ه ثم أعفو عن اآلخر فأكون قد أحييته. فقال ل ه إب راھيم عن د ذل ك: إن ي أتي بالش مس م ن المش رق ف أ ت بھ ا م ن ٥ المغرب فب ھت عند ذلك نمرود ولم ي جبه. وبعد ذلك لما أ ز ف وقت وليمة قومه ال سنو ية خرجوا جميعھم من المدينة فرجع إب راھيم إلى المدينة لحاجة وكسر أصنامھم جذاذا كما ورد في ھذه العبارة اآلتية من ھذا الكتاب: (( إذا ھم قد جعلوا طعام ا فوض عوه ب ين ي دي اآللھ ة وق الوا: إذا ك ان ح ين رجوعنا فرجعنا وقد باركت اآللھة في طعامنا أكلنا. فلما نظ ر إب راھيم إل ى األصنام وإلى ما بين أيديھم من الط عام قال لھم على طريق االستھزاء: (( أال تأكلون )) فلم ا لم تجبه. قال: ما لكم ال تنطق ون ف راغ عل يھم ض ربا ٦ باليمين وجعل يكسرھن بفأس ف ي ي ده حت ى ل م يب ق إال الص نم األكب ر فعلق الفأس في عنقه ثم خرج. ف ذلك قول ه: فجعلھ م ج ذاذا إال كبي را لھ م ٧ لعلھم إليه يرجعون. فلما جاء القوم من عيدھم إلى بيت آلھتھم ورأوھا بتلك الحالة: قالوا من فعل ھذا بآلھتنا إنه لمن الظالمين. قالوا: س معنا ٨ فتى يذكرھم يقال له إبراھيم ھو الذي نظن ه صنع ھذا. فبلغ ذلك نمرود الجبار وأشراف قومه قالوا: فأتوا به على أعين الناس ل ع ل ھ م يش ھدون ٩ عليه أنه ھو الذي فعل ذل ك. وكرھ وا أن يأخ ذوه بغي ر بي ن ة. ق ال قت ادة سورة األنعام: ٨٠ ٦/ و ٨. سورة مريم: ٤. ٩/ سورة الشعراء: ٧٥ ٦/ ٧٧. سورة البقرة: ٥٨. / سورة البقرة: ٥٨. / سورة الصافات: ٩ ٧/ و ٩. سورة األنبياء: ٥٨. سورة األنبياء: ٥٩ / و ٦٠. سورة األنبياء: ٦. / - ٨ -

19 ٤ ٥ ٦ ٧ ٨ ٩ ٠ والس دي وقال الضحاك: لعلھم يشھدون بما نصنع به ونعاقبه. فل ما أحضروه قالوا له: أأنت فعلت ھذا بآلھتنا يا إبراھيم قال إبراھيم: بل فعله كبيرھم ھ ذا. غض ب م ن أن تعب دوا مع ه ھ ذه األص نام الص غار وھ و أكب ر منھ ا فكسرھن فاس ألو ھم إ ن ك انوا ينطق ون. ق ال النب ي: ل م يك ذب إب راھيم عليه الس الم إال ث الث ك ذبات كلھ ا ف ي تع الى. قول ه: إن ي س قيم وقوله: بل فعله كبيرھم ھذا وقوله للملك ال ذي ع رض لس ارة: ھ ي أخت ي. فلما قال لھم إبراھيم ذلك رجعوا إلى أ نف سھم فقالوا: إنك م أن تم الظ المون ھذا الرجل في سؤالكم إياه وھذه آلھتكم التي فع ل بھ ا م ا فع ل حاض رة ٤ فاسألوھا. وذلك قول إبراھيم: فاسألوھم إن كانوا ينطقون فقال قومه ما نراه إال كما قال وقيل إن كم أنتم الظ المون بعبادتكم األوث ان الص غار م ع ھذا الكبير ثم نكسوا على ر ؤوسھم متحي رين في أمره وعلموا أن ھا ال تنط ق وال تبطش. فقالوا لقد ع لمت م ا ھ ؤالء ي نط ق ون فلم ا اتجھ ت الحج ة عل يھم إلبراھيم قال لھم: أفتعبدون من دون ما ال ينفعكم شيئا وال يض ركم ٥ أف لكم ولما تعبدون من دون أف ال تعقل ون. فلم ا ل زمتھم الحج ة وعجزوا عن الجواب قالوا: حر قوه وانصروا آلھ تكم إن كن تم ف اعلين ٦. قال عبد بن عمر: إن الذي أشار عليھم بتحريق إبراھيم بالنار رجل من األك راد. ق ال ش عيب الجب ائي: اس مه ض ينون فخس ف ب ه األرض فھو يتجلجل فيھ ا إل ى ي وم القيام ة. فلم ا أجم ع نم رود وقوم ه عل ى إح راق إبراھيم حبسوه في بيت وبنوا له بنيانا كالحظيرة فذلك قوله: قالوا ابن وا ٧ له بنيانا فألقوه في الجحيم. ثم جمعوا ل ه م ن أص لب الحط ب وأض اف الخشب ((. ثم ذكر المؤلف كي ف أن وق ى إب راھيم بنعمت ه م ن ح رارة الن ار وخ رج منھ ا س الما ٨ ع ل ي ه ي ت و ك ل ال م ت و ك ل ون غانما. ثم قال: وفي الخبر إن إبراھيم إنما نجا بقوله: ح س ب ي ٠ ٩ و ن ع م ال و ك يل. قال : ق ل ن ا ي ا ن ار ك ون ي ب ر د ا و س ال م ا على إ ب ر اھ ي م. ح س ب ن ا وبما أننا أوردنا ھذه القصة بحذافيرھا من الق ر آن واألحاديث علين ا أن نوردھ ا م ن كت ب اليھود ونقارن بين ھذه القصة المتواترة بين اليھود وبين ما ذكر أعاله ليظھ ر الف رق بينھ ا إذ ورد في (( مدراش رباه )) ف( ٧ في تفسير تكوين ): ٧ ٥: (( إن ت ارح ك ان يص نع األص نام فخ رج م رة إل ى مح ل م ا وأن اب عن ه إب راھيم ف ي بيعھ ا ف إذا أت ى أح د يري د الش راء ك ان إب راھيم يق ول ل ه: ك م عمرك فيقول له: عمري خمسون أو ستون س نة فك ان إب راھيم يق ول ل ه: سورة األنبياء: ٦ / و ٦. سورة الصافات: ٨٩. ٧/ سورة األنبياء: ٦٤. / سورة األنبياء: ٦. / سورة األنبياء: ٦٦ / و ٦٧. سورة األنبياء: ٦٨. / سورة الصافات: ٩٧. ٧/ سورة الزمر: ٨. ٩/ سورة آل عمران: ٧. / سورة األنبياء: ٦٩. / - ٩ -

20 ويل لمن كان عمره ستين سنة ويرغب في عبادة الشيء الذي لم يظھر ف ي حيز الوجود إال منذ أيام قليلة. فك ان يعت ري الرج ل الخج ل وينص رف إل ى حال سبيله. ومرة أتت امرأة وفي يدھا صحن دقيق قمح وقالت له: يا ھذا ض ع ھ ذا أم امھم. فق ام وأخ ذ عص ا ف ي ي ده وكس رھا كلھ ا ج ذاذا ووض ع العصا في يد كبيرھم. فلما أت ى أب وه ق ال ل ه: م ن فع ل بھ م ك ذلك فق ال ل ه إبراھيم: ال أخفي عليك شيئا. إن امرأة أتت ومعھا صحن دقيق قم ح وقال ت لي: يا ھذا ضع ھذا أمامھم. فوضعته أمامھم فقال ھذا: أري د أن آك ل أوال وقال ذلك: أريد أنا أن آكل أوال. فقام كبي رھم وأخ ذ العص ا وكس رھم. فق ال له أبوه: لماذا تلفق علي خراف ة فھ ل ھ ذه األص نام ت درك وتعق ل فق ال ل ه إبراھيم: أال تسمع أذناك ما تتكلم به شفتاك فألقى والده القبض عليه وسل مه إلى نمرود فقال له نمرود: فلنعبد النار. فقال له إبراھيم: فلنعبد المياه الت ي تطفئ النار. فقال له نمرود: فلنعب د المي اه: فق ال ل ه إب راھيم: إذا ك ان األم ر كذلك فلنعبد السحاب الذي يجيء بالمي اه. فق ال ل ه نم رود: فلنعب د الس حاب فقال له إب راھيم: إذا ك ان األم ر ك ذلك فلنعب د الري اح الت ي تس وق الس حاب. فقال له نمرود: فلنعبد الرياح. فقال ل ه إب راھيم: فلنعب د اإلنس ان ال ذي يق اوم الرياح. فقال له نمرود: إذا كان مرادك المحاولة فأنا ال أعبد إال النار وھ ا أنا ألقيك في وسطھا وليأت الذي تعبده وينقذك منھا. ونزل إبراھيم ف ي أتون النار ونجا )). فإذا قارنا ھذه الخرافة اليھودي ة بالحكاي ة ال واردة ف ي الق ر آن ع ن إب راھيم ال نج د بينھم ا سوى فرقا طفيفا جدا سببه أن م ح م دا لم يطالع ھ ذه القص ة ف ي كت اب م ا ب ل س معھا ش فاھا م ن اليھود. ومما يؤيد ھذا أن الق ر آن ذكر أن اس م أب إب راھيم ھ و (( آزر )) م ع أن اس م أبي ه ف ي (( مدراش رباه )) وفي خمسة أسفار موسى ھو تارح. ولكن قال يوسابيوس (المؤرخ اليوناني الذي ت رجم تاريخه إلى اللغة السريانية) إن اسم أب إبراھيم ھو (( آثر )) وھو خط أ مب ين. واألرج ح أن ھذا الخطأ نشأ عن تسمية اليھود له في بعض األحيان (( زارح )). وبم ا أن م ح م دا ك ان ق د س افر إلى بالد الشام فيمكن أنه سمع بعضھم يس ميه (( آث ر )). ولم ا ل م يت ذكر ص حته تمام ا ق ال إن أب ا إبراھيم ھو (( آزر )). ولھذا السبب يكت ب الف رس ھ ذا االس م (( آزر )) ويلفظون ه كأن ه مش تق م ن لغة الفرس القديمة. ومعنى آزر بالفارسية القديمة (( نار )). وفي اللغة الكلدانية (( النار )). قال علماء المسلمين في تفني د ھ ذا االعت راض إن م ا ذكرتم وه يس اعدنا مس اعدة عظم ى على تأيي د ص حة اإل س الم ألن م ح م دا ل م ينتح ل ھ ذه القص ة م ن اليھ ود وال م ن النص ارى ب ل أنزلھا عليه جبريل بالوحي. وبما أن اليھ ود ال ذين ھ م ذري ة إب راھيم خلي ل قبلوھ ا فش ھادتھم تؤيد وتصدق على عبارة الق ر آن في ھذه القضية. غير أن المعترضين المنتقدين ردوا بأنه لم يعتقد بصحة ھذه القصة ال ع وام اليھ ود أم ا كل عال م مدقق فيعرف أن منشأ ھذه الخرافة ھو االشتباه واللبس والخطأ فإن أس اس ھ ذه القص ة مبني على ما جاء في سفر التكوين حي ث ق ال إلب راھيم: (( أن ا ال رب ال ذي أخرج ك م ن أور الكلدانيين )). ومعنى أور بلغة البابليين القديمة (( مدينة )). وجاءت ج زءا م ن كلم ة (( أورش ليم )) ومعناھا (( مدين ة ش ليم )) أي (( مدين ة إل ه الس الم )). واس م أور الكل دانيين اآلن (( المغي ر )) وك ان إبراھيم أوال ساكنا في ھذه المدينة. ولكن توجد في اللغة العبرية واألرامية والكلدانية لفظة أخرى سورة األنعام: ٧٤. ٦/ تكوين:.٧ /٥-٠ -

21 وھي. (( )) أور (( تشبه )) أ و ر (( في النطق والكتابة غير أن معنى (( أور )) في اللغة العبرية النور (( وبعد تدوين التوراة بسنين عديدة جاء مفسر يھودي اسمه يوناثان بن عزييل لم تكن له أدنى معرفة بلغة البابليين القديمة وأخذ يترجم ھ ذه اآلي ة إل ى اللغ ة الكلداني ة فق ال: (( أن ا ال رب الذي أخرجك من تنور نار الكلدانيين ))! وقال ھذا المفسر الجاھل في تفسيره عل ى تك وين (/ ٨) : (( لما طرح نمرود إبراھيم في أتون النار المتناعه عن السجود ألصنامه لم يؤذن للنار أن تضره ((. ولكن ھل يمك ن أن نص دق أن النب ي الحقيق ي يت وھ م ھ ذه الخراف ة وي دو نھا ف ي كتاب ه ث م يد عي أن كتابه منز ل من عند وأن الدليل على ذلك ھو أنه يتطابق م ع كت ب اليھ ود الم وحى بھا وبصرف النظر عن كل ذلك فنمرود الجبار (حسب كالم موسى الوارد في سفر التكوين) لم يك ن ف ي أي ام إب راھيم ب ل ك ان قب ل مول د إب راھيم بأجي ال عدي دة. وم ع أن اس م نم رود ورد ف ي األحاديث والتفاسير اإل س المية إال أنه لم يرد في ھذه القصة الواردة في الق ر آن ذاته. وواضح أن الذي أدخل اسم نمرود في القصة جاھل بالكتاب ة والت اريخ ش أنه ش أن م ن يق ول إن اإلس كندر ذا القرنين ألقى عثمان أحد سالطين العثمانيين في النار ولم يقل ذلك إال ألن ه يجھ ل مق دار الزم ان بين اإلسكندر وعثمان وألنه لم يدر أن عثمان لم ي لق في النار مطلقا. ) ) حكاية ملكة سبإ وكيفية مجيئھا إلى سليمان: إذا قارن ا ب ين م ا ورد ف ي الق ر آن بخص وص بلق يس ملك ة س بإ وم ا ورد ف ي (( الترج وم الثاني عن كتاب أستير )) نجد أن اليھود ھم الذين أبلغ وا م ح م دا ھ ذه القص ة فوقع ت عن ده موقع ا حسنا فانشرح منھا حتى أدخلھا في الق ر آن فقال: و ح ش ر ل س ل ي م ان ج ن ود ه م ن ال ج ن و اإل نس و الط ي ر ف ھ م ي وز ع و ن... و ت ف ق د الط ي ر ف ق ال م ا ل ي ال أ ر ى ال ھ د ھ د أ م ك ان م ن ال غ ائ ب ي ن.أل ع ذ ب ن ه ع ذ اب ا ش د يد ا أ و أل ذ ب ح ن ه أ و ل ي أ ت ي ن ي ب س ل ط ان م ب ين. ف م ك ث غ ي ر ب ع يد ف ق ال أ ح طت ب م ا ل م ت ح ط ب ه و ج ئ ت ك م ن س ب إ ب ن ب إ ي ق ين. إ ن ي و ج دت ام ر أ ة ت م ل ك ھ م و أ وت ي ت م ن ك ل ش ي ء و ل ھ ا ع ر ش ع ظ ي م. و ج دت ھ ا و ق و م ھ ا ي س ج د ون ل لش م س م ن د ون و ز ي ن ل ھ م الش ي ط ان أ ع م ال ھ م ف ص د ھ م ع ن الس ب يل ف ھ م ال ي ھ ت د ون.أ ال ي س ج د وا ال ذ ي ي خ ر ج ال خ ب ء ف ي الس م او ات و األ ر ض و ي ع ل م م ا ت خ ف و ن ال إ ل ه إ ال ھ و ر ب ال ع ر ش ال ع ظ يم. ق ال س ن نظ ر أ ص د ق ت أ م و م ا ت ع ل ن ون. ك نت م ن ال ك اذ ب ين. اذ ھ ب ب ك ت اب ي ھ ذ ا ف أ ل ق ه إ ل ي ھ م ث م ت و ل ع ن ھ م ف انظ ر م اذ ا ي ر ج ع ون. ق ال ت ي ا أ ي ھ ا الم أل إ ن ي أ ل ق ي إ ل ي ك ت اب ك ر ي م. إ ن ه م ن س ل ي م ان و إ ن ه ب س م ال ر ح م ن ال ر ح يم. أ ال ت ع ل وا ع ل ي و أ ت ون ي م س ل م ي ن. ق ال ت ي ا أ ي ھ ا الم أل أ ف ت ون ي ف ي أ م ر ي م ا ك نت ق اط ع ة أ م ر ا ح ت ى ت ش ھ د و ن. ق ال وا ن ح ن أ و ل وا ق و ة و أ ول وا ب أ س ش د يد و األ م ر إ ل ي ك ف انظ ر ي م اذ ا ت أ م ر ين. ق ال ت إ ن ال م ل وك إ ذ ا د خ ل وا ق ر ي ة أ ف س د وھ ا و ج ع ل وا أ ع ز ة أ ھ ل ھ ا أ ذ ل ة و ك ذ ل ك ي ف ع ل و ن. و إ ن ي م ر س ل ة إ ل ي ھ م ب ھ د ي ة ف ن اظ ر ة ب م ي ر ج ع ال م ر س ل ون. ف ل م ا ج اء س ل ي م ان خ ي ر م م ا آت اك م ب ل أ ن ت م ب ھ د ي ت ك م ت ف ر ح ون. ق ال أ ت م د ون ن ب م ال ف م ا آت ان ي ار ج ع إ ل ي ھ م ف ل ن أ ت ي ن ھ م ب ج ن ود ال ق ب ل ل ھ م ب ھ ا و ل ن خ ر ج ن ھ م م ن ھ ا أ ذ ل ة و ھ م ص اغ ر ون. ق ال ي ا أ ي ھ ا الم أل أ ي ك م ي أ ت ين ي ب ع ر ش ھ ا ق ب ل أ ن ي أ ت ون ي م س ل م ين. ق ال ع ف ريت م ن ال ج ن أ ن ا آت يك ب ه ق ب ل أ ن ت ق وم م ن م ق ام ك و إ ن ي ع ل ي ه ل ق و ي - -

22 أ م ين. ق ال ال ذ ي ع ند ه ع ل م م ن ال ك ت اب أ ن ا آت يك ب ه ق ب ل أ ن ي ر ت د إ ل ي ك ط ر ف ك ف ل م ا ر آه م س ت ق ر ا ع ند ه ق ال ھ ذ ا م ن ف ض ل ر ب ي ل ي ب ل و ن ي أ أ ش ك ر أ م أ ك ف ر و م ن ش ك ر ف إ ن م ا ي ش ك ر ل ن ف س ه و م ن ك ف ر ف إ ن ر ب ي غ ن ي ك ر يم. ق ال ن ك ر وا ل ھ ا ع ر ش ھ ا ن نظ ر أ ت ھ ت د ي أ م ت ك ون م ن ال ذ ين ال ي ھ ت د ون. ف ل م ا ج اءت ق يل أ ھ ك ذ ا ع ر ش ك ق ال ت ك أ ن ه ھ و و أ وت ين ا ال ع ل م م ن ق ب ل ھ ا و ك ن ا م س ل م ي ن. و ص د ھ ا م ا ك ان ت ت ع ب د م ن د ون إ ن ھ ا ك ان ت م ن ق و م ك اف ر ين. ق يل ل ھ ا اد خ ل ي الص ر ح ف ل م ا ر أ ت ه ح س ب ت ه ل ج ة و ك ش ف ت ع ن س اق ي ھ ا ق ال إ ن ه ص ر ح م م ر د م ن ق و ار ي ر ق ال ت ر ب إ ن ي ظ ل م ت ن ف س ي و أ س ل م ت م ع س ل ي م ان ر ب ال ع ال م ين. ھذا ما قاله الق ر آن عن ملكة سبإ. وم ا ورد ف ي ھ ذه الس ورة ع ن الع رش العظ يم يختل ف قليال عم ا ورد ف ي الترج وم ال ذي ذكرن اه ففي ه قي ل إن ص احب ھ ذا الع رش العظ يم ك ان المل ك سليمان وإنه ال يوجد عرش مثله في مملكة أخرى ألنه كان له ست درج ات ذھ ب وعل ى ك ل درجة اثنا عشر أسدا من ذھب واثنا عشر نسرا من ذھب. وكان يوجد خالفھا أربع ة وعش رون نسرا أخرى فوق ھذا العرش العجيب تلقي ظلھا على رأس الملك. ومتى أراد سليمان التوج ه إلى مكان ما كانت تنزل ھذه النسور القوية وتصعد بعرشه وتحمله إلى حيث أراد. فكانت تلك النسور (حسب قول الترجوم) تؤدي الوظيفة التي قام بھا عفريت الجن الوارد ذكره في الق ر آن. أما ما ورد في الترجوم عن ملكة سبإ ومجيئھا إلى سليمان والرسالة الت ي أرس لھا إليھ ا المل ك وغي ره فتوج د مش ابھة عجيب ة بين ه وب ين الق ر آن. غي ر أن الترج وم يس م ي حام ل رس الة سليمان ديك الصحراء والق ر آن يسميه الھدھد. مرة أخرى لم ا انش رح قل ب س ليمان بخم ره أم ر بإحض ار حيوان ات الص حراء وطي ور الھ واء وزحاف ات األرض والج ن واألرواح والعفاري ت لترقص أمامه لي ظھر عظمته لجميع الملوك الذين كانوا خاضعين خاشعين أمامه. فاستدعى كتبة الملك بأسمائھم فأتوا إليه ما عدا المسجونين واألسرى والرجل الذي ف و ضت له حراستھم. وكان ديك الصحراء في تلك الساعة يمرح بين الطيور ولم يوجد فأمر الملك أن يحضروه بالقوة وھ م بإھالكه فرجع ديك الصحراء ووق ف أم ام حض رة المل ك س ليمان وق ال ل ه: (( اس مع ي ا م والي ملك األرض وأ م ل أذن ك واس مع أق والي. أل م تم ض ثالث ة أش ھر م ن ح ين م ا تفك رت ف ي قلب ي وصممت تصميما أكيدا في نفسي أن ال آكل وال أشرب م اء قب ل أن أرى ك ل الع الم وأطي ر في ه. وقل ت: م ا ھ ي الجھ ة أو م ا ھ ي المملك ة غي ر المطيع ة لس يدي المل ك فش اھدت ورأي ت مدين ة حصينة اسمھا قيطور في أرض شرقية وترابھا أثق ل م ن ال ذھب والفض ة كزبال ة ف ي األس واق وقد غ رست فيھا األشجار من البدء وھم شاربون الماء من جنة ع دن. ويوج د جم اھير يحمل ون أكاليل على رؤوسھم فيھا نباتات من جنة عدن ألنھا قريبة منھا. ويعرفون الرمي بالقوس ولك ن ال يمكن أن يقتلوا بھا. وتحكمھم جميعھم امرأة اس مھا ملك ة س بإ. ف إذا تعلق ت إرادة م والي المل ك فليمنطق حقوي ھذا الشخص وأرتفع وأصعد إلى حصن قيطور إلى مدينة سبأ وأنا أقي د مل وكھم بالسالسل وأشرافھم بأغالل الحديد وأحضرھم إلى سيدي الملك )). فوقع ھذا الكالم عند الملك موقعا حسنا فد عي كتبة المل ك وكتب وا كتاب ا ربط وه بجن احي ديك الصحراء فق ام وارتف ع إل ى الس ماء ورب ط تاج ه وتق وى وط ار ب ين الطي ور. فط اروا خلف ه وتوجھوا إلى قلعة قيطور إلى مدينة سبأ. واتفق في الفجر أن ملكة سبإ كان ت خارج ة إل ى البح ر للعبادة فحجبت الطيور الشمس. فوضعت يدھا على ثيابھ ا ومزقتھ ا ود ھش ت واض طربت. ولم ا سورة النمل: ٧ ٧/ و ٠ ٤٤. - -

23 كانت مضطربة دنا منھا ديك الصحراء فرأت كتابا مربوطا في جناحه ففتحته وقرأته وھاك ما ك تب فيه: (( مني أنا الملك سليمان سالم ألمرائك. ألنك تع رفين أن الق دوس المب ارك جعلني ملكا على وحوش الصحراء وعلى طيور الھواء وعلى الجن وعل ى األرواح وعلى العفاريت وك ل مل وك الش رق والغ رب والجن وب والش مال يأتون للسؤال عن س المتي. ف إذا أردت وأتي ت للس ؤال ع ن ص حتي فحس نا تفعلين وأنا أجعلك أعظم من جميع الملوك الذي يخرون س ج دا أمامي. وإذا ل م تطيع ي ول م ت أتي للس ؤال ع ن ص حتي أرس ل علي ك ملوك ا وجن ودا وفرس انا. وإذا قل ت : م ا ھ م المل وك والجن ود والفرس ان ال ذين عن د المل ك سليمان إن حيوان ات الص حراء ھ م مل وك وجن ود وفرس ان. وإذا قل ت: م ا ھي الفرسان قلت إن طيور الھواء ھي فرسان وجيوش ي األرواح والج ن والعفاري ت. ھ م الجن ود ال ذين يخنق ونكم ف ي فرش كم ف ي داخ ل بي وتكم. حيوانات الصحراء يقتلونكم في الخالء. طيور الس ماء تأكل لحمكم منكم )). فلم ا س معت ملك ة س بإ أق وال الكت اب ألق ت ثاني ة ي دھا عل ى ثيابھ ا ومزقتھ ا وأرس لت واستدعت الرؤس اء واألم راء وقال ت لھ م: أل م تعرف وا م ا أرس له إل ي المل ك س ليمان فأج ابوا: ال نعرف الملك سليمان وال نعتد بمملكته وال نحسب له حسابا. فل م تص غ إل ى أق والھم ب ل أرس لت واستدعت كل مراكب البحر وشحنتھا ھدايا وجواھر وحجارة ثمينة وأرسلت إليه ستة آالف ولدا وابنة وكلھم ولدوا في سنة واحدة وش ھر واح د وي وم واح د وس اعة واح دة وك انوا كلھ م البس ين ثيابا أرجوانية. ثم كتبت كتابا أرسلته إلى الملك سليمان على أيديھم وھذا نصه: (( م ن قلع ة قيط ور إل ى أرض إس رائيل س فر س بع س نين. إن ه بواس طة صلواتك وبواسطة استغاثاتك التي ألتمسھا منك سآتي إليك بعد ثالث سنين. (( فحدث بعد ثالث سنين أن أتت ملكة سبإ إل ى المل ك س ليمان. ولم ا س مع أنھ ا أت ت أرس ل إليھا بنايا بن يھوياداع الذي كان كالفجر الذي يبزغ في الصباح وكان يش به كوك ب الج الل (أي الزھرة) التي تتألأل وھي ثابتة بين الكواكب ويشبه السوسن المغروس على مجاري المياه. ولما رأت ملكة سبإ بنايا بن يھوياداع نزلت من العرب ة فق ال لھ ا: لم اذا نزل ت م ن عربت ك فأجابت ه: ألست أنت الملك س ليمان فأجابھ ا: لس ت أن ا المل ك س ليمان ب ل أح د خدام ه ال واقفين أمام ه. فف ي الحال التفتت إلى خلفھا ونطقت بمثل لألمراء وھو: إذا ل م يظھ ر أمام ك األس د فق د رأي تم ذريت ه. فإذا لم تروا الملك سليمان فقد شاھدتم جم ال ش خص واق ف أمام ه. ف أتى بناي ا ب ن يھوي اداع أم ام الملك. ولما بلغ الملك أنھا أتت أمامه قام وذھب وجلس في بيت بلوري. ولما رأت ملكة س بإ أن الملك جالس في بي ت بل وري توھم ت ف ي قلبھ ا قائل ة: إن المل ك ج الس ف ي الم اء فرفع ت ثوبھ ا لتعبر فرأى أن لھا شعرا على الساقين. فقال لھا: إن جمالك ھو جمال النس اء وش عرك ھ و ش عر الرجل فالشعر ھو حلية الرجل ولكنه يعيب المرأة. فقالت: ي ا م والي المل ك س أنطق ل ك بثالث ة أمثال. فإذا فس رتھا لي فأعرف أنك حكيم وإال كنت كسائر الناس. ففسر لھا الملك سليمان الثالثة األمثال فقالت: يتبارك ال رب إلھ ك ال ذي س ر ب ك وأجلس ك عل ى ع رش المملك ة لتج ري قض ا ء وعدال. وأعطت للملك ذھبا وفضة وأعطاھا الملك كل ما اشتھت )). فت رى ف ي ھ ذه القص ة اليھودي ة أن ه ذك ر فيھ ا بع ض األمث ال الت ي طلب ت ملك ة س بإ م ن سليمان حلھا. ومع أنه لم يرد لھا ذكر في الق ر آن إال أنھا ذكرت في األحاديث. وبما أن الق ر آن ل م - -

24 يستوف وصف س اقي الملك ة وج ب اس تيفاء تكملتھ ا م ن األحادي ث. وھ ذا م ا ج اء ف ي كت اب (( عرائس المجالس )) (ص ٤٨) فقد ذك ر أن ه لم ا أرادت ملك ة س بإ ال دخول إل ى قص ر س ليمان وتوھمت أن البلور ماء كشفت عن ساقيھا لتخوضه إلى سليمان. فنظ ر س ليمان ف إذا ھ ي أحس ن الناس ساقا وقدما إال أنھا كانت شعراء الساقين. فصرف بص ره عنھ ا وناداھ ا أن ه ص رح مم رد من قوارير. ولقصة ملكة سبإ (وفي العبرية شبا) أساس حقيقي فقد جاءت قصة زيارتھا إلى س ليمان في الكتاب المقدس فقال: (( وسمعت ملكة سبإ بخبر سليمان لمج د ال رب فأت ت لتمتحن ه بمس ائل. فأتت إلى أورشليم بموكب عظيم جدا بجمال حاملة أطيابا وذھبا كثيرا جدا وحجارة كريمة وأتت إلى سليمان وكلمته بكل ما كان بقلبھا. فأخبرھا سليمان بكل كالمھا. لم يكن أمرا مخفيا عن الملك لم يخبرھا به. فلم ا رأت ملك ة س بإ ك ل حكم ة س ليمان والبي ت ال ذي بن اه وطع ام مائدت ه ومجل س عبيده وموقف خدامه ومالبسھم وس قاته ومحرقاته التي كان ي صعدھا في بي ت ال رب ل م يب ق فيھ ا روح بعد. فقالت للملك: صحيحا كان الخبر الذي سمعت ه ف ي أرض ي ع ن أم ورك وع ن حكمت ك ولم أصدق األخبار حتى جئت وأبصرت عيناي. فھوذا النصف لم أ خب ر به. زدت حكمة وصالحا على الخبر الذي سمعته. طوبى لرجال ك وط وبى لعبي دك ھ ؤالء ال واقفين أمام ك دائم ا الس امعين حكمتك. ليكن مباركا الرب إلھ ك ال ذي س ر ب ك وجعل ك عل ى كرس ي إس رائيل ألن ال رب أح ب إس رائيل إل ى األب د. جعل ك ملك ا لت ج ري حكم ا وب را. وأعط ت المل ك مئ ة وعش رين وزن ة ذھ ب وأطيابا كثيرة جدا وحجارة كريمة لم يأت بعد مثل ذلك الطيب في الكثرة ال ذي أعطت ه ملك ة س بإ للملك سليمان )). فھذا ھو أصل القصة وما زاد على ذل ك فھ و زي ادات وھمي ة خرافي ة كم ا ق رر علم اء اليھود أنفسھم. نعم وجد أيضا في سفري الملوك وأخبار األيام تفصيل عن عرش سليمان الرفيع ولك ن ل م ي رد ش يء ع ن حمل ه ونقل ه. وم ا ورد ف ي الق ر آن بخص وص حك م س ليمان عل ى الج ن والعفاريت يطابق ما ورد في كتاب الترجوم المذكور سابقا. ولكن ھ ذه الرواي ة وھمي ة فق د ق ال علماء اليھود إن ھذا المفسر بنى أوھامه على ما اقترف ه م ن الخط أ ف ي ترجم ة كلمت ين عب ريتين ھما (( ش د اه وش د و ت )) من سفر الجامعة (/ ٨). ومعناھما (( سيدة وسيدات )) ألنه لما كان يندر وج ود ھ اتين الكلمت ين ف ي العبري ة خل ط ھ ذا المفس ر الجاھ ل بينھم ا لع دم معرفت ه بمعناھم ا الص حيح فاش تبھتا علي ه بكلمت ين فس رھما ب الجن. وك ان ل ه إلم ام ب الكلمتين ال دالتين عل ى الج ن (وھما ش دو وش ديم). وكل من تحرى قصة ملكة سبإ التي ترجمناھا من كتاب الترجوم يظھر له بال شك أن ھذه الخرافة تشبه الحكايات الواردة في كتاب ألف ليلة وليلة شبھا كثيرا. ولكن لما لم يكن م ح م د عارفا بذلك وقد سمع ھذه الرواية من اليھود توھ م أنھم أخ ذوھا ع ن الت وراة وتلوھ ا عليه فأوردھا في الق ر آن. ) ٤ ) قصة ھاروت وماروت: مع أن كثيرا من قصص الق ر آن مستعارة من الخرافات اليھودي ة نكتف ي بس رد قص ة (( ھاروت وماروت )) قبل أن ننتقل إلى الكالم على ما ھو أھ م م ن ذل ك. ونوردھ ا أوال م ن الق ر آن واألحادي ث ث م ننق ل م ا ورد منھ ا ف ي كت ب اليھ ود ونقارنھ ا بع د ذل ك بم ا ورد ف ي الق ر آن واألحاديث. ملوك: ٠/ ٠ أخبار األيام: ٥. ٩/ - ٤ -